فتوى تتعلق بنبش رفات بعض القبور ونقلها من مقبرتي سيدي بلعباس بسلا ومقبرة شالة بالرباط لفائدة مصلحة عامة تتعلق بمرور طرامواي جوابا عن من مدير وكالة تهيئة ضفتي نهر أبي رقراق 10 رجب 1429هـ موافق 14 يوليوز 2008م
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد
وآله وصحبه أجمعين.
﴿ربنا آتنا من لدنك رحمة، وهيئ لنا من أمرنا رشدا﴾
وبعـد، فمن المعلوم المسلم به شرعا والمجمع عليه لدى كافة علماء الإسلام وعامة المسلمين مشرقا
ومغربا، أن القبر يكون
حبسا مستمرا على من دفن فيه،
فلا يجوز نبشه بعد ذلك ولا المساس به بحال، ما دام فيه أثر
لعظامه وبقية لرفاته، احتراما له وتكريما، حيث إن حرمة الميت وكرامته في
قبره مثل حرمة الإنسان وكرامته وقت حياته في منظور شرع الإسلام.
غير أن العلماء استثنوا من ذلك حالات خاصة، مذكورة في كتب الفقه المالكي وغيرها من المؤلفات
الفقهية، ونصوا فيها على
جواز نبش القبور ونقل ما فيها
من أجسام وعظام ورفات إلى مقبرة أخرى
للمسلمين، وذكروا من بينها حالة
وجود مصلحة عامة للمسلمين، اقتضت ذلك
وتعينت فيه، وتأكد من الدرس
والتمحيـص أنه لا مناص في تحقيقها من تحويل رفات بعض
القبور من مكانها إلى مكان آخر.
واستنـدوا في ذلك إلى ما وقع في عهد الصحابي الجليل
معاوية رضي الله عنه
من نبش قبور شهـداء أُحد ونقل أجسامهم ورفاتهم إلى مكان آخر لمصلحة استوجبت ذلك، هي إجراء عين بجانب
أُحد، وكذا إلى
حالات أخرى قليلة مماثلة، وقـعت
في عهد الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين.
وفي هذه الحال، نص الفقهاء على شروط تجب مراعاتها، ويتعين الأخذ والتقيد بها أثناء النبش والحفر
للقبور التي اقتضت
المصلحة نقلها وتحويلها، وهي:
1 - أن يكون ذلك بأدوات خفيفة كالفأس ونحوه مثلا، لا
بالأدوات الكبيرة التي تكسر العظام، وتتلف الرفات، ولا تُبقي له أثرا، ويتنافى استعمالها مع كرامة الميت وحرمته،
كالجرافات ونحوها مثلا؛
2 - أن يؤخذ الجسم أو العظام والرفات برفق ولين، وتجمع وتلف في ثوب نظيف أو
كيس بلاستيكي نقي، أو صندوق إن اقتضى الحال ذلك؛
3 - أن يتم دفنه ومواراته برفق ولين في قبر خاص به، حامل
لاسم صاحبه ما أمكن ذلك، حتى يبقى معروفا لدى أهله وأقاربه حين يأتون
لزيارته والترحم عليه وعلى سائر موتى المسلمين بالمقبرة؛
4 - أن يكون النبش والحفر والنقل للجسم أو الرفات إلى
مكان آخر بمقبرة أخرى بإشراف لجنة محلية، مكونة لهذا الغرض، وتضم ممثلي
جميع الجهات المعنية به، من بينهم عضو بالمجلس العلمي المحلي، ومندوبية الشؤون الإسلامية؛
5 - إخبار أهالي الأموات بنقل رفات قبور ذويهم إلى مقبرة أخرى ما أمكن ذلك.
وهي شروط متأكدة وإنسانية تجب مراعاتها في المسألة موضوع هذه الفتوى الشرعية، المتضمنة لجواز نقل
عظام ورفات بعض
القبور من مقبرة سيدي بلعباس
بسلا، ومقبرة باب شالة بالرباط، اعتبارا للمصلحة العامة
المذكورة، التي اقتضت ذلك.
والله من وراء القصد، والموفق للصواب، والهادي إلى أقوم
سبيل.